
مهرجان “الفرجة الانتخابية” في تيفلت: مدينة بلا مستشفى..
بينما تتنفس تيفلت تحت وطأة غياب أبسط شروط العيش الكريم، يصرّ رئيس جماعتها عبد الصمد عرشان على تقديم عرضه السنوي المعتاد. مهرجان صاخب، أضواء، تبوريدة، صفقات ضبابية… أما المستشفى؟ فلننتظر عاماً آخر أو خطبة جديدة. هكذا يبدو المشهد العام لمدينة تحولت من فضاء للعيش إلى منصة سياسية دائمة، يُطلى ترابها كل صيف بألوان انتخابية مموهة.
مدينة مهرجان… لا مدينة خدمات
من الطبيعي أن تنظم مدينة مهرجاناً احتفالياً، لكن أن يحدث ذلك بينما يعاني السكان من غياب مستشفى فعّال وبنية تحتية تليق بكرامتهم، فهنا تبدأ علامات الاستفهام. فمنذ سنوات، وسكان تيفلت ينتظرون مستشفى للقرب يخفف معاناتهم، ويقيهم التنقل إلى الرباط أو الخميسات لأبسط الحالات. غير أن السيد عرشان يبدو أكثر حرصاً على نجاح مهرجانه السنوي من إنجاح مشروع إنساني مثل الصحة.
الفروسية في خدمة الصورة
التبوريدة، تلك الفقرة المحبوبة في المهرجانات الشعبية، تحولت في تيفلت إلى ما يشبه حملة دعائية مركزة. فصوت البارود لا يعلو فقط على صوت العقل، بل على صوت المشاريع المجمدة أيضاً. صار الحصان يُركب مرتين، مرة فوق السرج، ومرة في خطاب انتخابي مقنّع. فالزعيم المحلي لا يحتاج إلى منجزات حين تملأ الصور المهرجانية الصحف وصفحات فيسبوك.
المرافق جاهزة… ولكنها مغلقة
المسبح البلدي والقاعة المغطاة تقفان صامتتين، وكأنهما تنظران إلى المهرجان بحسرة. انتهت بهما الأشغال منذ زمن، لكن دون أن يُفتح باب واحد أمام شباب المدينة. المشجعون ينتظرون، الفرق الرياضية تتنفس بصعوبة، والإدارة الجماعية لا تجيب. هل ننتظر دورة المهرجان المقبلة لقص الشريط الأحمر؟ أم أن كل ما يُبنى يُجمَّد حتى إشعار انتخابي آخر؟
البنية التحتية: حيث تنتهي الميزانية عند المنصة
في مناطق عديدة من المدينة، تختفي الإنارة العمومية، ولا أثر لأسماء الشوارع، فيما تتحول الطرقات الحديثة إلى مطبات فور أول مطر. ومع ذلك، تُرصّع المهرجانات بالأضواء وتُفرش بسجاد الفخر الجماعي. ما الفرق بين منصة المهرجان والطريق نحو المدرسة؟ فرق في الأولوية… لا أكثر.
التنمية المؤجلة إلى أجل غير مسمّى
هكذا تُدار تيفلت: مدينة تتزين بالصخب بينما تخفي العجز تحت السجادة. مهرجان يُنظَّم كل سنة، لكن مشروع مستشفى لا يجد له يوماً على التقويم. رئيس جماعة يجيد التباهي بالثقافة الشعبية، ويعجز عن رفع الغبن عن أحياء تعاني التهميش والنسيان.
خاتمة لا تحتاج إلى بارود
الساكنة لا تطلب الكثير، فقط مدينة تحترم كرامتهم، مستشفى يفتح أبوابه، مسبح تستفيد منه الأسر، طرقات لا تتشقق، أضواء لا تنطفئ. أما المهرجان؟ فليكن… لكن بعد أن نُعيد للمدينة صوتها الحقيقي، لا صوت البارود.