من عمادة الشرطة إلى منصب رفيع داخل “الإنتربول”
ليس من السهل أن تفرض امرأة مغربية مكانتها داخل واحدة من أرفع المؤسسات الأمنية في العالم. لكن ليلى زوين فعلتها. الشرطية المغربية، التي تشغل منصب عميد الشرطة الإقليمية، حققت إنجازاً جديداً يُحسب للمديرية العامة للأمن الوطني، بعد تعيينها رسمياً نائبة لرئيس الفريق الدولي لخبراء الإنتربول في مجال الجرائم السيبرانية.
القرار جاء من مقر منظمة الإنتربول بمدينة ليون الفرنسية، وهو ما يعتبر تتويجاً لمسار مهني طويل، تميّز بالكفاءة العالية والعمل المتواصل في ميدان بالغ الحساسية، يتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة.
الكفاءة لا تحتاج إلى ترويج
ليلى زوين ليست فقط ضابطة أمن. هي في الأصل رئيسة مصلحة مكافحة الجرائم المعلوماتية داخل المديرية العامة للأمن الوطني. واسمها ظلّ يُتداول طيلة السنوات الأخيرة داخل الأوساط الأمنية والتقنية، باعتبارها واحدة من أبرز الأطر المغربية التي راكمت تجربة عميقة في تعقّب الجرائم الرقمية وتعزيز الأمن السيبراني.
المنظمة الدولية للشرطة الجنائية لم تُعيّنها عبثاً. بل لأن الكفاءات المغربية أصبحت تفرض وجودها في المحافل الأمنية الكبرى. والشرطة المغربية لم تعد تشتغل في الظل، بل صارت لاعباً أساسياً في تأمين الفضاء الرقمي، سواء داخل البلاد أو في إطار التعاون الإقليمي والدولي.
مكافأة مستحقة تعكس تطور الأمن الرقمي بالمغرب
التحاق زوين بالفريق الدولي لخبراء الإنتربول هو، في العمق، اعتراف مباشر بالمستوى المتقدم الذي بلغته البنيات الأمنية المغربية في مجال محاربة الجريمة السيبرانية. فالعمل اليوم لم يعد يقتصر على الميدان التقليدي، بل أصبح الفضاء الرقمي حلبة مفتوحة لجرائم عابرة للحدود.
من هنا، كان من الطبيعي أن تجد كفاءة مثل ليلى زوين مكانها داخل فريق يضم خبراء من مختلف دول العالم. واللافت أن هذه الترقية الدولية لم تأت من فراغ، بل هي ثمرة استراتيجية طويلة انتهجتها المديرية العامة للأمن الوطني، لجعل الأمن الرقمي إحدى أولوياتها الكبرى.
حضور مغربي قوي في قلب القرار الدولي
المنصب الذي شغلته زوين، وإن كان تقنياً في مظهره، إلا أنه يحمل دلالات سياسية وأمنية واضحة. فوجود ضابطة مغربية في مركز قيادي داخل الإنتربول يترجم احترام المنظمة الأممية للكفاءات القادمة من الجنوب، ويعكس الثقة التي صارت تحظى بها المدرسة الأمنية المغربية.
ومن المنتظر أن تساهم ليلى زوين، بصفتها نائبة لرئيس فريق خبراء الإنتربول، في صياغة وتنفيذ استراتيجيات مكافحة الجريمة الإلكترونية على الصعيد العالمي، إلى جانب العمل على تنسيق الجهود وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء.
نساء الأمن الوطني… حاضرات في الخط الأمامي
تأتي هذه الترقية لتعيد تسليط الضوء على دور النساء داخل المديرية العامة للأمن الوطني. فليلى زوين ليست حالة فريدة، بل نموذج من بين نماذج نسائية كثيرة فرضت وجودها بكفاءتها وليس بجنسها. وهذا ما يؤكد أن الرهان على تأنيث المسؤوليات الأمنية في المغرب ليس خياراً دعائياً، بل مساراً حقيقياً بدأ يُؤتي ثماره.