مشهد مؤثر لم يكن ليمر مرور الكرام. أفراد سابقون في جبهة البوليساريو الانفصالية قرروا، وبكل وعي، أن يقطعوا مع ماضٍ زائف، ويعلنوا صراحةً افتخارهم بالانتماء إلى المملكة المغربية.
هؤلاء العائدون، ممن ضلوا الطريق يومًا تحت شعارات وهمية، أحرقوا بطاقاتهم التي تربطهم بجبهة المرتزقة، في لحظة تختزل انهيار مشروع الجزائر لتقسيم المغرب.
بطاقات…الهرولة إلى المغرب… انهيار استراتيجي
التحاق هؤلاء بالمملكة لم يكن مجرد انتقال مكاني. إنه انكسار مدوٍ في سياسة نظام الجارة الشرقية الذي ظلّ لسنوات يستثمر في الوهم ويُغذّي العداء للمغرب. ما يحدث اليوم هو نتيجة منطقية لصحوة أبناء الصحراء الذين أدركوا أن جبهة البوليساريو لا تمثلهم، وأن الجزائر تلوّح بشعارات التحرير وهي تغلق الحدود وتفتح معسكرات التجنيد.
الانتماء الحقيقي لا يُشترى بالشعارات
العائدون لم يُخدعوا فقط سياسيًا، بل إنسانيًا أيضًا. وجدوا أنفسهم أدوات في يد نظام عسكري لا يهمه مصيرهم، بقدر ما يهمه استغلالهم كورقة تفاوض في رهان إقليمي خاسر. لذلك، فإن رجوعهم إلى حضن الوطن هو فعل مقاومة هادئ، وقرار حر يُعبّر عن انتماء لا تصنعه الجغرافيا فقط، بل التاريخ والمصير المشترك.
السيادة المغربية تترسّخ.. والانفصال يحتضر
المشهد لم يعد بحاجة إلى تحليلات دبلوماسية معقّدة. الوقائع وحدها كافية. المغرب يُعزز مكتسباته يومًا بعد آخر، سواء في الميدان التنموي داخل الأقاليم الجنوبية، أو عبر اختراق الجدار النفسي الذي حاولت الجبهة زرعه بين الصحراويين ووطنهم. فكل فرد يعود هو شهادة فشل معلنة لمشروع الانفصال، ودرس قاسٍ لمن لا يزال يراهن على شعارات باردة لا تسمن ولا تغني من حرية.
من المرتزقة إلى رمزية العلم المغربي
حين يختار أبناء الصحراء حمل العلم المغربي بقلوب مفعمة بالاعتزاز، فهم لا ينقلبون على ماضيهم فقط، بل يكتبون مستقبلًا جديدًا بمداد الوعي والانتماء الصادق. العودة ليست استسلامًا كما تروّج الجبهة، بل انتصار داخلي على الوهم، وقرار بالالتحاق بقطار الوطن الذي لم يتوقف عن الدعوة إلى المصالحة والكرامة.