
زلزال إداري بعد عيد الأضحى.. إعفاء والي فاس ووالي مراكش بسبب “ذبيحة العيد”
– هشام الكوري
خطوة غير محسوبة تُكلّف ولايتين ثمناً غالياً
في خطوة مفاجئة أثارت الكثير من الجدل، أفادت مصادر متطابقة أن سلطات عليا قررت إعفاء معاذ الجامعي، والي جهة فاس مكناس، وفْرَيد شوراق، والي جهة مراكش آسفي، من مهامهما. القرار نزل كالصاعقة على الأوساط الإدارية والسياسية، وجاء مباشرة بعد تداول صور ومقاطع مصورة تُظهر المسؤولين وهما يشاركان في ذبح أضاحي العيد، في تحدٍّ واضح وصريح لتوجيهات ملكية صدرت قبل أيام فقط من المناسبة.
رسالة ملكية لم تصل إلى الجميع
الملك محمد السادس كان قد وجّه نداءً واضحاً ومعبّراً قبل عيد الأضحى، طالب فيه المواطنين بالامتناع عن ذبح الأضاحي هذا العام. لم يكن الأمر اعتباطياً، بل جاء نتيجة للظرفية المناخية والاقتصادية الصعبة، والوضع المقلق الذي يعيشه القطيع الوطني. في خطوة رمزية ذات حمولة اجتماعية قوية، أعلن جلالة الملك أنه سيتولى ذبح أضحية واحدة نيابة عن عموم الشعب المغربي، في دعوة مفتوحة للتضامن وتجاوز الأزمة.
لكن المشهد تغير كلياً عندما ظهرت صور الواليين وهما ينحران أضاحيهما، وكأن شيئاً لم يكن. تصرف أثار غضباً مكتوماً، قبل أن يتحوّل إلى قرار إداري صادم.
إعفاءات تؤسس لمرحلة جديدة من الانضباط
القرار لم يأتِ فقط بسبب صورة أو مقطع فيديو. بل جاء ليكرّس مبدأً أساسياً: احترام التوجيهات الملكية ليس خياراً، بل قاعدة لا حياد عنها، خاصة من طرف المسؤولين الذين يُنتظر منهم أن يكونوا في الصفوف الأولى للامتثال والانضباط.
في وقت تنتظر فيه الدولة من مسؤوليها ترسيخ ثقافة القدوة، وتوحيد الرسائل مع المؤسسة الملكية، لم يكن من المقبول أن تصدر مثل هذه السلوكيات من رموز السلطة في الجهات.
رسائل سياسية في ثوب إداري
ما جرى قد يُقرأ كرسالة سياسية واضحة مفادها أن زمن “اللا مبالاة” في تعاطي بعض المسؤولين مع الإشارات الملكية قد ولّى. المؤسسة الملكية وضعت سقفاً واضحاً: من لا يلتزم يُحاسب، مهما علا منصبه. ولا شك أن الإعفاءات التي طالت والي فاس ووالي مراكش، ستكون جرس إنذار لغيرهما من مسؤولي الإدارة الترابية في ربوع المملكة.
المشهد القادم… من يلتقط الإشارة؟
يتابع الرأي العام ما يحدث بكثير من الاهتمام، حيث يفتح هذا الحدث الباب على مصراعيه لطرح الأسئلة حول منطق المحاسبة وربط المسؤولية بالمساءلة. فإذا كان كبار مسؤولي الجهات لا يلتزمون بالإشارات الملكية، فماذا ننتظر من باقي الإدارات؟
المغاربة اليوم ينتظرون مسؤولين يحسون بنبض المواطن، ويتحركون في انسجام مع رؤية الدولة، لا ضدها.
وقد تكون هذه الإعفاءات، على رمزيتها، بداية لمرحلة جديدة في تدبير الشأن العام، يكون فيها الانضباط أقوى من المجاملة، والتوجيه الملكي أرفع من كل اعتبار شخصي.